منتديات لغاتى التعليمية - أحتاج نقد لمقالتي

تطلعات شباب

يُقال أن لا شيء أكثر شيوعاً من الرغبةِ في التميّز , ودون ذلك لا أجد تفسيراً لطموحي. أتصفّح قرنائي من حولي فأجدهم مثلي توّاقون للبدء بمشوار البناء .. بناء الذات .. بناء المستقبل .. وبناء اليمن إن أمكن. متسلّحون بإصرار المتفائل الأعمى .. المتّكل على الله. عباءتي البيضاء , سجّادتي وقاموسي الأعجمي المتخم .. هذا كلُّ ما أحتاجه للمرحلة المقبلة .. هذا وتأشيرة دخول إلى الحاضر والمستقبل في آن. كوني اليوم شخصاً مبهماً غير محدّد المعالم ينتظر الفصل في ماهيّته , صار الأخير أقرب للمستحيل , لكنني أصرّ لأن أريد وأحاول .. وإن شاء الله. اليوم ذهبتُ إلى سفارةِ الحُلُم للمرّة الأولى بعد المائة و كما كل مرّة قبلها , وجدت غيري من المتقدّمين الشباب .. المتطلّعين للخروج من الماضي. فيهم أصحاب المنح وآخرون أصحاب البنوك لكن كلّهم شباب يمني أصيل ذو خامة فريدة. ترى في وجوههم قوة الإرادة وضعف الحيلة , لا يكاد يفضّ بينهما إلا بريق الأمل في بحر أعينهم المتلألئة. كلٌّ منا مشروع بحد ذاته وكما كل مشروعٍ هنا , ما تفرش أمامه إلا الأشواك والحفر. أقول وكلّي أسف أنّ اليمن خذلتني في كل شيء وقد ربما نحن من خذلناها. دراستنا هنا مسرحيّة هزليّة في جو اللا ملاءَمة , واتحاد اللا استقلالية , وطلاب اللا احترام , وأساتذة اللا مهنية. معاملاتنا رشاوى ومصالح واستهتار وتسويف ولا مبالاة حتى فقدنا الاحساس بالوقت والوقت هو الحياة , وفرّطنا بالأمانة وقد أشفقت منها السماوات والأرض والجبال. أمنُنا ألغام تحتنا أزرارها بأيدي المستهترين. لذا لا أراني أتطلّع إلا لعالمٍ يعاملني بعد غدٍ كما يُعامل اللا يمني اليوم. أتطلّع لبلدٍ أفخر به وشعب لا أرثى لحاله. هذا حُلُمٌ قد تعرّض للمساومة كثيراً بفرض الواقعيّة المرّة التي جرّعتنا إيّاها الأيام. هي ذاتها الواقعية التي ما تنفك تذكّرني بأنني العالة اليوم لكنني غداً المعيل , ووقع الفكرة وحدها يؤرّقني. كلُّ ما أيقنه الآن هو أنّني مغادرةٌ غيرُ آسفة. فوداعاً يا بلدي وإلى لقاءٍ قريبٍ إن شاء الله. لقاء ترتقي فيه لأدنى توقعاتي وأرتقي فيه لأعلى توقعاتك.

بيسان اليمن